إسماعيلي, لزهركاتب, حسن2017-12-202017-12-202010http://hdl.handle.net/123456789/233لقد إجتهد الباحث في درس نسج الخطاب القرآني في سورة الشعراء دراسة وصفية تحليلية، حريصا، ما استطعت، على إكسابها الدقة والعلمية، قاصدا ما استقام لي النظر والتعقل، ملامسة بعض مظاهر فرادته في تشكيله الأسلوبي المتحد وجهي النسج، وكشف ترابطه وانسجامه وتماسكه الدلالي، وتحسس سطح الإفضاء الإعجازي لمقوله، وما يوفره كل ذلك من إمكانات ترقى بالعملية التبليغية إلى أعلى درجات التأثيرية والفاعلية. وخرج البحث بمجموعة متنوعة من النتائج، يؤطرها عنوانان كبيران: عامة، وخاصة. 1- النتائج العامة: أ. تحليل نسيج الخطاب القرآني، لا بد أن يكون تشريحا لبنائه الظاهري إلى الباطني، الذي يقدم تفسيرا وتعليلا للخصائص الفنية الجمالية المميزة شكله، ويتفاعل معه لتحقيقها. وهذا أمر قد تبين عسره؛ لأن التعامل هنا مع خطاب خارق حديّ، مباين في أعرافه وأدبيته للأدبية العربية، متميزة بثراء معناه، وعمقه، واتساع فضائه الذي يغطي محوري الزمان والمكان. ب. يتأبى النص القرآني على التأطير المنهجي؛ فهو مفتوح للقراءة والتفاعل؛ فلا يمكن لعدة تحليلية إجرائية واحدة أن تغني لمحاصرة مظاهر إفضائه الإعجازي. والرأي أن التركيب المنهجي المتسع المرن، المنطلق من ثمار جهود علمائنا الأوائل، والمنفتح على المناهج الحداثية، مع الاستفادة من العلوم المشتغلة على النص، أجدى بكثير. ج. غياب القرآن عن العقل العربي المسلم عامة، وعقل الأديب واللغوي والناقد خاصة، ابتعاد عن قلب الثقافة العربية؛ لذلك، من الواجب إعادة إحياء وتقوية ربط ذهنية العربي المسلم وذوقه الجمالي، مصدره الأسمى: حفظا، وتحليلا، وتوظيفا في كل مجال معرفي. 2- النتائج الخاصة: أ. مستوى النسيج التركيبي: 1- توظيف مستويات التركيب في النص، كان في أعلى درجات الدقة والإحكام؛ إلى على المستوى التوزيعي الأفقي، أو على المستوى الرأسي الاستبدالي. يشمل ذلك: المكونات الصوتية، والصرفية، والموضعة التركيبية السياقية. 2- كان توزيع أصناف التراكيب على مستوى الفضاء المادي للنص، بناء وهندسة فريدين، يتلاءم بدقة بالغة وإحكام متقن وخصائص الأبنية الدلالية للمدونة، كما يتفق والأنماط النصية الموظفة فيها: أ. تراكيب النمطين الحواري والحجاجي، متميزة بـ: - التقدم في درجة التعقيد. - اطراد التوسيع، وحشد المتممات، خاصة الأدوات الملونة التركيب. - تنوع الوظائف. - تداخل النسوج الإسمية والفعلية، وتنوع صورها. - الميل إلى الإنشاء الطلبي خاصة، ممثلا في صورتين بارزتين: الأمر، والاستفهام المحوّل إلى الإنكار والتوبيخ، والذي كانت أداته الأثيرة "ألا". - اطراد التركيب الشرطي التهديدي، الغالبة فيه "إن" أداة شرط. ب. أبرز مميزات تراكيب النمط السردي: - التقليل، في الغالب، من الكم التركيبي. - الميل إلى البساطة، وإلى الأسلوب الخبري. - طغيان الحركية الفعلية، وتأطيرها بالزمن التاريخي، مع تحويل السياق أزمنتها عن الزمن الصرفي، ما أكسبها بعدا إشاريا سيميائيا، خاصة في المشهد الأخروي. ج. تراكيب النمط الإخباري التقريري، الذي يقوم على تقرير وتثبيت حقائق عامة مطلقة غلب عليها: - الطابع الاسمي المؤكد. - البساطة. - الأسلوب الخبري. 3- تتضافر التراكيب وتتعاضد منفتحة على بعضها؛ لتشكيل بنائها الدلالي المكتفي، ولإثراء مضمونها وتوسيع امتدادها؛ لتؤدي دورها كاملا في تشكيل البنية الكلية للنص. تستوي في ذلك المتجاورة والمتباعدة؛ لذا، فإن الفصل الحاد بينها، له مخاطره الطامسة الحائلة. 4- نجد مجموعة من العناصر اللغوية تتردد في المدونة بصورة لافتة: - المؤكدات: ويؤثر منها الخطاب القرآني "إن" في المقام الأول، ثم "اللام المزحلقة" خاصة. ويرجع تواترها إلى حركة التدافع التي تميز العلاقة بين طرفين متضادين من حول الرسالة، وإلى الطابع الحجاجي الإقناع يذيب السلطان الأقوى في النص. - الاسم الموصول: المستثمر واسطة إلى صلته في مقامات التفصيل والتدقيق والتعليل، مع ما يؤدي كشف الكيان النفسي. - الضمير: وهو أكثر المكونات دورانا في النص، وأبرز وظائفه: أ- الاختصار. ب- الربط: على مستويين: 1- داخلي من ناحيتين: أ- بين الجمل. ب- بين الأنساق. وله عائد في السياق. 2- خارجي: وسيأتي ذكره في المستوى التواصلي. ومن الضمائر المستخدمة في النص: ضمير العظمة، العائد عليه سبحانه وتعالى، وتعليل ذلك راجع إلى إظهار القدرة المطلقة والسيطرة والتحكم الكاملين، إحدى أهم الأبنية الدلالية الكبرى المشكلة كيان النص الباطني. 5- غلب توظيف كلمة "رب" على استخدام كلمة "الله" في النص، بنسبة خمس وثلاثين مرة (35) للأولى، وثلاث عشرة مرة (13) للثانية. وتعليله كما يلي: الربوبية = الحضور الفاعل = الخلق والسيطرة والرعاية والإحسان = متجهة إلى المخلوقات الألوهية = العبودية = حركة متجهة من الإنسان إلى الله = نتيجة للسابقة. والأولى متحققة على مستوى النص، أما الثانية فشبه غائبة. وهذا يتناسب والاتجاه الحجاجي ألإقناعي للنص، الذي من أعهم وسائله: إظهار أنعمه تعالى على عباده. ب. مستوى النسيج الدلالي: 1- سورة الشعراء هي سورة: تقرير وتثبيت حقائق تاريخية، وسنن اجتماعية، تتعلق بطبيعة البشر في تعاطيهم مع رسالة السماء، وبمنهج ومبادئ الحركة التبليغية. وهذا ما يمثل البنية العليا للنص، المتحكمة فيه، جاعلته بناء متواشجا متكاملا. 2- يحتوي النسق الأول البنيات الدلالية الكبرى المشكلة مفردات البنية الكلية؛ فهو، بذلك، متحكم في النسقين الآخرين. وبالتالي؛ فإن ترتيب الأنساق في النص، هو الترتيب، رغم ما يبدو ما بين الأول والأخير من تقاطع، ومن مباينة كليهما للثاني، غير أنهما يحتضنانه كلاهما، فهو خادم الاثنين. ويمكن تجسيد العلاقات بين الأنساق كما يأتي: 3- تؤدي من التراكيب المكررة، دورا تذكيريا بالبنية الكلية، وتنظيميا رابطا لآخر تراكيب النسق الأول، وللصور المختلفة من النسق الثاني بها، كما أنها تشكل نقطة تقاطع بين السماوي المطلق الثابت (الرسالة)، والأرضي المحدود المتغير (الإنسان)؛ لذا، تكررت في النهايات، وغابت عن آخر النسق الثالث. وتؤدي معها قصة إبراهيم الوظيفة نفسها، خاصة في طرفها الأول (التذكير)، فلم تختم بها، وأخرت إلى نهاية المشهد الأخروي. أما منها، فمجالها الأرضي؛ لذا وجدناها تبدأ بما كان سببا في النهاية: التكذيب. 4- يكسب السياق في النص القرآني دلالات الألفاظ هويتها القرآنية المتميزة، التي هي غير دلالتها المعجمية، ولا هي دلالاتها في الاستعمال اللغوي العربي. وذلك عائد إلى المرجعية المتحكمة في إنتاجها، وهي متباينة بين الطرفين. فالسياق القرآني يأخذ اللفظة أو البناء التركيبي المحصور، لتتحرك في مختلف الاتجاهات داخل النص وخارجه. ويمكن التمثيل لذلك بلفظتي "التقوى" و"الشعراء". 5- توجد علاقة تجاذب بين الطابع الاسمي المحض البسيط للجملة، وكونها بؤرة دلالية، تمارس بتحررها من قيود الزمان والمكان والحدث، دورا توجيهيا للحركة في التراكيب الفعلية، وتحريرا لها من قيودها؛ لتغدوا ذات بعد إشاري سيميائي، وتحديدا لوظيفتها التواصلية. 6- تكرار عناصر أو بنيات تركيبية من أبرز الوسائل التي يصطنعها الخطاب القرآني لتشكيل البنية الكلية الدلالية للنص، ومد خيوط التعالق بين البنيات الدلالية الصغرى. من ذلك: ضمير الرسولe، ربك، التكذيب، الإيمان، التقوى، الظلم. 7- تتميز لغة النموذج الإنساني الكافر في دلالتها بكونها: تأكيدية توهينية تهويلية تهديدية افترائية إفكية، غير ثابتة (لا يصدقها الواقع)، مضطربة. فهو يمارس عملية تقليب للغة عن وجهها الصحيح؛ لذا، يبدو في العملية جهد وشدة ومعالجة، ويمكن أن ننظر ونتأمل في: "تنزّل على كل أفّاك أثيم". أما لغة النموذج الإنساني المؤمن (ممثلا في الرسل) فيمكن وسمها بـ: البلاغ المبين،: صدق، وصحة، وإحكام، وإقناع، وهدوء. ج. المستوى التواصلي: 1- يمثل المستوى الإبلاغي، والتأثير في كيان المتلقي، الغاية التي يجند لها الخطاب القرآني كل عناصر جميع مستويات اللغة. 2- يتداخل المتلقي الداخلي مع الخارجي بدرجاته، في التوجه إليهم جميعا، ومستوى الاهتمام والعناية القوية نفسها، بخطاب واحد منسوج بشكل بديع محكم، بكل يسر وسلاسة ومنطقية. 3- الضمير الذي لا عائد له في النص، عائده خارجي، وهذا مما يبدي الغرض التواصلي، ويدل على أن تفاعل مركب. وقد كان الربط الخارجي في بدايات ونهايات الأجزاء خاصة؛ فمنها نافذتان على الطرفين المتفاعلين: لعلـ(ك)، يكونـ(وا)، أكثر(هم)، نادى ربـ(ك)، واتل عليـ(ـهم). 4- أشكال الحذف والإيجاز المختلفة، والتعدد والثراء المعنوي المتحقق في كل أنماط التراكيب، وفسح المجال للأصوات الشركية كي تنبئ عن نفسها بنفسها، وتأجيل تدخل العناية الإلهية بالحركة التصحيحية إلى النهايات، بعد اتضاح مآل التدافع الحجاجي وحركة التبليغ، خاصة في مجموعة القصص المتشاكلة، كل ذلك إثراء للكم الإخباري، وتحقيق لنسبة عالية من التأثيرية في كيان المتلقي، من زاويتين: أ- استثارة عقله وخياله ودفعه إلى التفكر والتأمل والنبش عن المعاني الثاوية في الغياب. تحفيز وتحريك كيانه النفسي الوجداني؛ ليفتح أبواب قلبه لروح الرسالةotherالقرآن الكريمالخطاب القرآنيالخـطاب الـقرآني في سـورة الشعـراءOther