عبداني, زبيدةدكدوك, بلقاسم2018-10-312018-10-312013http://hdl.handle.net/123456789/5946الشعر ليس لها حدود مكانية أو زمانية ، إذ ترتبط بوجود الإنسان لأنها تمثل جزء من غذائه الروحي لذلك نجده في القديم يحتل مكانة رفيعة إذ يمثل المعيار الأساسي الذي تقاس به مكانة قائليه، و ما زال هذا الفن حتى عصرنا الحالي يؤدي وظيفته على أكمل وجه ، إذ استطاع الشاعر من خلاله أن يكون الرائي و الرائد الذي يضيء و يوميئ و يكشف... فيصبح هو الضمير جماهير ، و ناقل الشرارة المضيئة المغيرة الخالقة ، فيبلور أشواق الإنسان حين تكون بعد في قرارة الحلم و يوسع أبعاد العقل بما يضمه إليه من أصقاع الحلم اللاوعي ، و هذا هو السر الذي يحمله الشعر خصوصا إذا كان ذلك الذي يرتبط بالنفس أي الذات الإنسانية ، فهنا يسعى الشاعر إلى إبراز طاقاته الابداعية و هذه الأخيرة التي اصطلح طيها بالشعرية أو الأدبية أو الجمالية أو الشاعرية و التي في مجملها تؤدي معنى واحد ، إذ ترتبط بإبراز البنيات التي تركب النص و التي تميزه عن غيره من النصوص دون النظر في سياقه الخارجي ? و المتمعن في سيرورة هذا المصطلح "الشعرية" يرى أن جذورها تمتد إلى القديم منذ "أرسطو" ، و نظرا للتطور الذي يشهده النقد في القرن (20) فقد أخذت الشعرية بوصفها نظاما نظريا مستقلا في النمو و الارتقاء ? و نجدها بوضوح عند الشكلانيين الروس و في نشاط المدرسة المورفولوجية بألمانيا و فيما شهده الانجلوسكسوني الجديد بأمريكا و انجلترا، ثم في التحليل البنيوي الذي شرع منذ الستينات في التطور يفرنسا و أكثر ما نجده صعوبة في الشعرية هو تحديد مفهومها لأنها تعد جوهر الدراسات الحديثة الغربية منها و العربية فنجد من الدارسين الغرب من وقفا عندها نخص بالذكر رومان جاكبسون و الذي يرجعها إلى وظائف عناصر الرسالة اللغوية و بالتحديد إلى الوظيفة الشعرية المرتبطة بالرسالة ذاتها، فقد عرفها بأنها ; " ذلك الفرع من اللسانيات الذي يعالج الوظيفة الشعرية في علاقاتها مع الوظائف الأخرى للغة " ، فهنا حصر جاكبسون مفهوم الشعرية بوصفها فرع من فروع اللسانيات في الوظيفة الجمالية و التي اعتبرها أسمى وظائف اللغة، فالشعرية عنده تتأسس أيضا على مجموعة من العناصر إذا ما تظافرت يبعضها البعض لا يتأسس مفهومها أما عند "جان كوهين" فإنها تختص بدراسة العناصر العليا المطلقة التي تميز الخطاب الأدبي، إذ بتبادل عنادصر الشاعرية بين الشعر و النثر حسب درجات السيطرة للخدصائص في النص و حسب الانزياحات و الخرق و اللانحوية فيه ، فشعريته تقوم على الانزياح على المستوى اللفظي و الدلالي و الصوتي. و قد أكد جيرار جنيت أن موضوعها ليس النص و إنما جامع النص ، فالشعرية التي يقصدها جنيت لا تهتم بالنص المغلق و إنما تنشأ من خلال تداخل الأجناس الأدبية فهي تدرس نص مفتوح الأفق الذي ينتج حوارا إيجابيا بينه و بين الأجناس الأدبية الأخرى ، لكن "بول فاليري" تجاوز المعنى الضيق للشعرية إذ حصرها في الشعر دون النثر و ذهب إلى أن الشعرية صفة تنسحب على الخطاب الأدبي ككل (شعرا انثرا). أما الشعرية عند تدوروف هي شعرية التلقي فموضوعها يكمن فيما نستنطقه من خصائص هذا الخطاب النوعي أنها لا تعني بالأدب الحقيقي بل بالأدب الممكن ? أي أنها تتأسس في الأعمال المحتملة ? فالأدبية تتولد ما يقع في نظام اللغة من خلخلة و اضطراب إذ يصبح هو نفسه نظاما جديدا لما فيه من انزياحات تتحقق بموجبها الأدبية و بالتالي تخرج عن نطاقها السطحي إلى العامي. أما تعريفها في الدراسات العربية الحديثة نذكر شعرية كمال أبو ديب مرتبطة بمفهوم الفجوة أي مسافة التوتر فهو متأثر بجان كوهين بمفهوم الانزياح و أيضا استثمر مفهوم الوظيفة الشعرية لرومان جاكبسون و يبدو من خلال تكون الفجوة نتيجة كوعين من الاختيار و هو المحور الذي بنى طيه جاكبسون كما تأثر "إيزر" مؤسس نظرية التلقي و هذا الأخير الذي أشار إلى مصطلح الفجوة في أكثر من موضع و لا ننسى تأثره بتلك المساهمات القيمة لعبد القاهر الجرجاني في حديثه عن نظرية النظم، فجملة هذه التأثرات جعلت أبو ديب يخلق شعرية لها منحى آخر فما يخلقها هو مسافة التوتر إذ تتحقق حسب رأيه من خلال الجمع بين المتنافرات و ليس الاعتماد على معاني الكلمات الموجودة في قالبها القاموسي المتجمد كما نجد رائد الحداثيين "أدونيس" الذي يدعو إلى انفتاح النص الشعري أي ؛ أن النص يقرأ في ضوء أفق جديد يتناول بآليات جديدة فشعريته ترفض وجود المعنى الكامن و الجاهز في النص إذ تنظر إليه كأفق من الأنظمة و العلاقات الجديدة لا كأفق من التعبير أما صلاح فضل فشعريته مبنية على سلم يقوم على درجات مختلفة فكل درجة منه تحمل مستوى معين ، إذ سماه بسلم الدرجات الشعرية، إذ قام بتوزيعه إلى أربعة توزيعات أسلوبية هي الأسلوب الحسي و الأسلوب الحيوي و الأسلوب الدرامي و الأسلوب الرؤيوي فكل هؤلاء نظروا إلى مفهوم الشعرية كل حسب منظوره و اتجاهه الفكري و باعتبار الذات الشاعرة المجال الخصب الذي تنمو فيه الشعرية، لأن الذات هي التي تعير عن هوية حاملها فتظهر هنا العلاقة بينهما بأنهما علاقة تداخل و انسجام فهما وجهان لعملة واحدة كا منهما يظهر في الآخر. فكانت دراسة الفصل الثاني في دراسة أسلوبية لنماذج مختارة من ديوان "سنظل ننتظر الربيع'' لعبد الحليم مخالفة فمن خلال تحليلنا لقصيدتي "أغار عليك" و "الربيع و زهرة النرجس" فقد اتضح لنا ما يلي ; أن الموسيقى الخارجية الناشئة من الوزن و القافية أظهرت جمال القصيدة و رونقها إذ وظفا الشاعر نسقين إيقاعيين يتناسبان مع ما يختلج في نفسه هما بحرا "المتقارب و الكامل" و بما يمتازان به من خفة و تناغم و تسلسل وحداتهما و أيضا اعتماده على قافية متنوعة تناسب الشكل الجديد و تارة أخرى موحدة، فالشاعر ساير متطلبات القارئ المعاصر يظهر في قصيدته "أغار عليك" كما في الآن ذاته حافظ على هيكل التراث الشعري بنظمه على الشكل القديم إذ يظهر في قصيدته "الربيع و زهرة النرجس" ، و كما لعبت الموسيقى الداخلية دورا كبيرا في إبراز جمال القصيدتين و ذلك لتوفرها على عنصر التكرار أي تكرار اللازمة و الذي نشأت من خلاله لغة الشعرية، ساعدت هي الأخرى في إبراز موسيقى داخلية عذبة ترتاح لها أذن القارئ كما تعمد الشاعر على توظيف الجمل الفعلية و الاسمية، فالأولى نلاحظها في قصيدته "أغار عليك" إذ تتطلب هذه الأخيرة توظيف الفعل المضارع بحكم أنها تلائم تغير حالته النفسية و ملا تتميز به الجملة الفعلية من حركة إذ تحمل أصوات تبرز جمل الفعل و حضوره، أما الأفعال الماضية فقد وظفها في قصيدته "الربيع و زهرة النرجس" ، لأن القصيدة تحمل طابع الحكي فكان حضور الجملة الفعلية في القصيدتين كبيرا ? أما الجملة الاسمية لعبت دورا كبيرا في قصيدة "الربيع و زهرة النرجس" إذ أظهرت لنا إبداع و خيال الشاعر و هذا من خلال تجسيده لصفات أشياء ثابتة، و أيضا من خلال القالب الفني الذي وضعنا فيه " عبد الحليم مخالفة" إذ يتجسد في توظيفه رموز الطبيعة، و ربما يقصد من ذلك كثفا الحقائق و تقريب صورة الواقع لذهن القارئ و تبيان معاناة الفرد الضعيف الذي أصبح عبدا مقيدا مظلوما تجره سلاسل الاستبداد، أما ورودها في قصيدته "أغار علـيك" كانت، بنسبة قليلة إذ وظفها الشاعر ليضفي صفة الثبات، و الديمومة على الأشياء التي تثير و تهز مـشاعره و تزيد إحساسه بالغيرة على ذات الآخر نجد أيضا توظيفه للجمل الخبرية المباشرة بهدف تقرير للحقائق بينما غرضه من توظيف الجمل الانشائية هو النصح و التوجيه أما من خلال دراسة مستوى الصورة الفنية فقد لعب البيان دورا كبيرا في تجسيد نزعته فكانت الصور البيانية مهيمنة على القصيدتين ، إذ تظهر الاستعارة هي أكثر الصور توظيفا ? فكثرة البيان يعني حتما أن الشاعر ينتمي إلى أصحاب النزعة الرومانسية أما ما جاء من المحسنات البديعية الطباق و الجناس و التصريع إلا لتقوية المعنى و توضيحه فعبد الحليم مخالفة هنا لم يشذ عن قاعدة الرومانسيين و لكنه في الوقت نفسه لا يستطيع أن يقيد إبداعه و لا يظهر هذا الأخير إلا باتباع ما يتطلبه القارئ المعاصرotherأسلوبية موازنةشعرية الذاتشعرية الذات في ديوان سنظل ننتظر الربيع لعبد الحليم مخالفةOther