دور البنك المركزي في تحقيق الإستقرار النقدي
No Thumbnail Available
Date
2009
Authors
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
جامعة أم البواقي
Abstract
تناولنا في بحثنا هذا دور البنوك المركزية في تحقيق الاستقرار النقدي من خلال البحث في موضوع النقود و السياسة النقدية، فباعتبار أن النقود هي المحرك الأساسي للنشاط الاقتصادي، والآلية التي تتم بها المبادلات وتسوى بها المقبوضات. وفي ظل تطور أنواع النقود واتساع النشاط الاقتصادي، ظهرت البنوك بمختلف أنواعها، وخاصة منها البنوك المركزية، والتي تلعب الدور الأساسي في إدارة وتسيير النقود والسياسة النقدية بهدف الحفاظ على الاستقرار النقدي.
كما تم تناول القواعد النقدية وأنواعها بالإضافة إلى الكتلة النقدية ومكوناتها. وخلصنا إلى أن تطور النقود بأنواعها المختلفة ونشأة البنوك عموما والمركزية خصوصا جاء نتيجة لاتساع نطاق المبادلات التجارية والاقتصادية، وكضرورة حتمية لتنظيم هذا التطور ومسايرته، وتنظيم النشاطات النقدية والمالية والتي أصبحت تحتاج إلى تنظيم أكثر دقة وملائمة.
كما تم تناول عرض النقود والطلب عليها وتحقيق التوازن النقدي، من خلال بيان مفهوم عرض النقود، أنواعه ومحدداته وأيضا كيفية التحكم في عرض النقود من قبل البنك المركزي، وبيان الآليات المتبعة في تحقيق هذا الهدف. هذا بالإضافة إلى نظريات الطلب على النقود، بدءا بالنظرية الكلاسيكية، ثم النظرية الكينزية، فالنظرية النقودية، حيث بينا أراء وأفكار كل نظرية وتفسيرها لدوافع الطلب على النقود، واهم الانتقادات الموجهة لكل نظرية، كما تطرقنا أيضا إلى التوازن النقدي، والذي يتحقق بتقاطع منحنى الطلب على النقود مع منحنى العرض عليها. و اثر تحقيق التوازن على المستوى النقدي في التوازن العام.
ونظرا لأهمية السياسة النقدية باعتبارها وسيلة البنك المركزي الرئيسية في تحقيق أهدافه فقد تم تبيان ماهيتها أنواعها وأدواتها ودورها في معالجة التضخم و استقرار أسعار الصرف، وأيضا دورها في معالجة العجز في ميزان المدفوعات.
وفي الأخير تم تدعيم الجانب النظري لموضوع بحثنا بجزء تطبيقي يتمحور حول الإجراءات المتبعة من طرف البنك المركزي الجزائري والهادفة إلى تحقيق الاستقرار النقدي في الجزائر، حيث تم التعرف على مدى نجاعة الإجراءات والسياسة النقدية المنتهجة من طرف هذا الأخير في هذا الاتجاه، حيث تم تناول ماهية البنك المركزي الجزائري من خلال نشأته، تطوره في ظل النظام المصرفي، إذ لم يكن البنك المركزي متمتعا بالاستقلالية في إدارة السياسة النقدية، بل كان قبل الشروع في الإصلاحات عبارة عن صندوق لطبع الأوراق النقدية و مكلف بتمويل عجز الخزينة الناتج عن تمويل الاستثمارات المخططة آنذاك. وهو ما ساهم في اتساع المعروض النقدي و ارتفاع معدلات التضخم خلال تلك الفترة. إلا انه وبعد الشروع في الإصلاحات الاقتصادية والمصرفية ابتداءا من سنة 1989 تم إعطاء نوع من الاستقلالية للبنك المركزي في إدارة السياسة النقدية وذلك بعد إصدار قانون 90-10 المتعلق بالنقد والقرض، والذي يعد توجها جديدا في الميدان المصرفي والمالي، وأعطى الاستقلالية للبنك المركزي لاتخاذ الإجراءات التي يراها مناسبة بهدف تحقيق الاستقرار النقدي. كما تم تناول قانون النقد والقرض 90-10 واهم التعديلات التي جاءت فيما بعد من خلال الأمرين 01-01 و 11-03، وبيان مدى استقلالية بنك الجزائر خاصة فيما يتعلق بإدارة السياسة النقدية. بالإضافة إلى تطورات الكتلة النقدية في الجزائر وأيضا معدلات التضخم والتي تميزت بالتذبذب من فترة إلى أخرى، هذا بالإضافة إلى تطور معدلات الصرف الخاصة بالدينار الجزائري. وانتهاءا بتطور وضعية ميزان المدفوعات.
إن أهم النتائج التي تم التوصل إليها في هذا البحث هي:
1- تعتبر النقود المحرك الأساسي للنشاط الاقتصادي، إذ من خلالها تتم جل المبادلات والمعاملات على المستوى الاقتصادي. وساهم التطور في الأنواع المختلفة للنقود في نشأة المؤسسات المالية والنقدية، والتي كان لها دور هام في إدارة وتنظيم النشاط المصرفي والنقدي، مما ساعد في زيادة النمو الاقتصادي.
2- تؤدي زيادة الطلب الكلي عن مستوى العرض الكلي نتيجة زيادة العرض النقدي أي زيادة كمية النقود إلى ارتفاع الأسعار وبالتالي زيادة حدة التضخم.
3- يعتبر البنك المركزي هو السلطة النقدية في الدولة، وبالتالي فهو المشرف على إدارة السياسة النقدية وتنفيذها بما يتوافق وأهداف السياسة الاقتصادية، بما يضمن تحقيق أهداف النمو الاقتصادي والحد من ارتفاع الأسعار وتخفيض معدلات التضخم واستقرار أسعار الصرف وتوازن ميزان المدفوعات.
4- يعتبر البنك المركزي بنك الدولة ومستشارها المالي وهو المسؤول عن تصحيح الاختلالات التي تحدث على المستوى النقدي، إذ أن البنوك المركزية في معظم دول العالم تمثل السلطة النقدية وهي مكلفة بتسيير الشؤون المتعلقة بالنقد، وتنحصر أهميتها أساسا في إدارة السياسة النقدية وتسيير احتياطيات الدولة من العملة الصعبة، وتمثيل الدولة في الهيئات النقدية والمالية الدولية وإجراء المفاوضات معها، بالإضافة إلى أن البنك المركزي يتخذ كل ما يراه مناسبا لتصحيح الاختلالات التي قد تحدث على المستوى النقدي من خلال التأثير في عرض النقود مما يؤدي إلى الحد من الضغوط التضخمية التي قد تحدث من جراء ازدياد العرض النقدي. هذا بالإضافة إلى الإجراءات الأخرى المتعلقة باستقرار كل من سعر الصرف وتوازن ميزان المدفوعات، كالرقابة على الصرف وتخفيض قيمة العملة بهدف زيادة الصادرات بالتالي زيادة الطلب على العملة ومن ثم إعادة الاستقرار لها.
5- تعتبر السياسة النقدية أداة فعالة في يد البنك المركزي لمعالجة الاختلالات التي قد تحدث على المستوى النقدي، من خلال التأثير في العرض النقدي، بواسطة استخدام الأدوات الكمية والمتمثلة بسعر إعادة الخصم و الاحتياطي الإلزامي و سياسة السوق المفتوحة، وكذلك الأدوات النوعية، كسياسة تاطير القروض وهامش الضمان المطلوب، والإقناع الأدبي وغيرها. وهي غالبا ما تحدث عند زيادة الكمية المعروضة من النقود بأنواعها المختلفة مما يؤدي إلى زيادة الطلب الذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع الأسعار والذي ينتج عنه زيادة معدل التضخم، مما ينبئ بحدوث اختلال على المستوى النقدي، وهو ما يؤكد الفرضية الأولى للبحث.
6- تعتبر الأدوات الكمية والنوعية الأدوات الفعالة للسياسة النقدية وتستخدم بحسب السياسة المستهدفة، توسعية كانت أم انكماشية. وتعتبر الأدوات الكمية أدوات شاملة، بينما الأدوات النوعية فهي أدوات انتقائية متعلقة ببعض القطاعات والتي قد تكون سببا إما في ارتفاع معدل التضخم وبالتالي تقييدها، أو تكون سببا في الانكماش فتقوم الدولة بتشجيعها بتوجيه الائتمان نحوها.
7- إن استقلالية البنك المركزي وفق معايير الاستقلالية تؤدي إلى إدارة سياسة نقدية سليمة بعيدا عن الضغوط والتدخلات الحكومية في الشؤون النقدية، التي أوكلت مهمتها للبنك المركزي، وخاصة عند تعارضها مع بعض السياسات الحكومية الأخرى في المجال الاقتصادي والمالي، وهو تأكيد للفرضية الثانية.
8- إن علاقة السياسة النقدية بالسياسة الاقتصادية تكمن في علاقة كمية النقود المتاحة بمستوى النشاط الاقتصادي وأيضا من خلال مساهمة التوازن النقدي في تحقيق التوازن العام على المستوى الاقتصادي. أما علاقة السياسة النقدية بالسياسة المالية فتكمن من خلال التنسيق في استخدام السياستين لتحقيق أهداف معينة، كالتنسيق بين أدوات كل من السياستين بهدف التحكم في التضخم. وكذلك تحقيق الأهداف الأخرى المتعلقة بالنمو الاقتصادي.
9- أن أدوات السياسة النقدية المطبقة في الجزائر ساهمت إلى حد ما في تحقيق أهدافها، إذ انه من خلال استخدام هذه الأدوات من طرف البنك المركزي تم الحد من التوسع النقدي وتخفيض معدلات التضخم خاصة خلال السنوات التي تم فيها تطبيق برامج الإصلاحات الاقتصادية، حيث لم تكن قبل ذلك سياسة نقدية واضحة المعالم، وهو ما ساهم في ارتفاع معدلات التضخم، كما أن تحديد سعر الصرف في تلك الفترة ساهم أيضا في اختلال التوازن النقدي. إلا انه وبعد الشروع في تطبيق الإصلاحات الاقتصادية أصبحت السياسة النقدية تتمتع نوعا ما بالاستقلالية خاصة بعد أن تم إصدار الأمر 90-10 المتعلق بالنقد والقرض، مما سمح باستخدام أدوات السياسة النقدية المتعارف عليها، وهو ما ساهم نوعا ما في تحقيق الاستقرار النقدي. وهذا تأكيد للفرضية الثالثة.
10- أن وجود قطاع مصرفي غير مواكب للتطورات المصرفية في العالم أعاق إلى حد ما قيام بنك الجزائر بأداء سياسة نقدية حقيقية، كما أن وجود كتلة نقدية معتبرة خارج الدائرة المصرفية ساهم في ضعف سيولة الجهاز المصرفي، وهو ما عاد بالسلب على أداء السياسة النقدية. وبروز سوق موازية للصرف اثر أيضا في الأسعار الحقيقية له.
11- أن بنك الجزائر لا يتمتع عمليا بالاستقلالية التي من المفروض أن يتمتع بها في الحد من التضخم ومحاربته. كما الشأن بالنسبة لبعض الدول المتقدمة والتي تعطي الاستقلالية الكاملة لبنوكها المركزية في محاربة التضخم. كما يحدث أحيانا تعارض بين السياسة النقدية والسياسات الأخرى، و تداخل لصلاحيات كل من بنك الجزائر ووزارة المالية وهو ما يؤثر سلبا على فعالية الأداء وبالتالي الأهداف المرجوة.
12- أن السبب الرئيسي للوضعية المتينة لميزان المدفوعات في الجزائر خلال السنوات الأخيرة يعود بالأساس إلى ارتفاع البترول والتي سلكت اتجاها تصاعديا ابتداءا من سنة 2000 وهو ما ساهم في تعزيز احتياطيات الصرف من سنة لأخرى، بعيدا عن الصادرات الأخرى خارج المحروقات والتي مازالت تشكل نسبة ضئيلة من إجمالي الصادرات. وبالتالي فان مساهمتها في احتياطيات الصرف تبقى ضئيلة جدا.
Description
Keywords
البنك المركزي, الإستقرار النقدي