آليات قراءة النص التراثي والحداثي عند جابر عصفور
No Thumbnail Available
Date
2013
Authors
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
جامعة أم البواقي
Abstract
يعد التراث قيمة حضارية ورمزا من رموز الأمم ، فهو ما تراكم في فترات زمنية معينة من عادات، وتقاليد، وخبرات، وسلوكات، وعلوم، .....وغيرها ، ولكل أمة تراث خاص بها تتميز به عن غيرها من الأمم، فلقد تزايدت إشكاليات قراءة النص التراثي وآلياتها من خلال المنهجيات التقليدية، إلى المنهجيات الحديثة، خلال النصف الأخير من القرن العشرين، لأن عملية قراءة التراث النقدي هي عملية لها أهميتها في ذاتها، كما أنها مرتبطة بشكل مباشر بعملية كبرى هي قراءة التراث بشكل عام ، ولأن قراءة التراث هي انعكاس مباشر لقراءة الواقع والحاضر.. فبرزت بذلك أصوات نقدية جديدة تناولت التراث ؛ نذكر منها "محمد عابد الجابري من أبرز النقاد، والمفكرين الفلاسفة العرب الذين اشتغلوا على دراسة التراث، فقد شغل هذا الأخير حيزا كبيرا من أعماله، وكرس له جهدا أكبر، في محاولة منه لقراءة التراث العربي، وإعطاء مفهوم دقيق له،مفاده ان التراث هو كل ما خلفه الماضي، ولكنه بقي في الحاضر ......، وكل ما هو حاضر فينا ، أو معنا من الماضي، ماضينا نحن، أم ماضي غيرنا القريب منه ، أم البعيد تعد المسألة التراثية في فكر الجابري من أبرز المسائل المطروحة في الفكر العربي المعاصر، فيرى أن أول خطوة في التعامل مع التراث، هي تحديد العلاقة معه فيشترط أول شرط لحل الأزمات المعاصرة في الفكر العربي تحديد علاقتنا بالتراث، فهي أول خطوة للنهوض بالأمة، من أجل السير في ركب الحضارة المتقدمة.
حسن حنفي من أبرز النقاد المفكرين الباحثين الذين تناولوا موضوع التراث، وكيفية التعامل معه فيبدأ حسن حنفي مشروعه في قراءة التراث بتقديم مفهوم حول التراث مفاده أن التراث هنا هو الموروث الحضاري فخصص التراث بالحضارة ، أي أن لكل أمة تراثها وحضارتها الخاصة، وهو كل ما وصلنا من حضارتنا نحن، وبقي حيا وحاضرا في الوقت الراهن، ولم يربط التراث بمجال محدد من العلوم أو غيرها، بل عممه على العديد من المستويات .
يربط حسن حنفي قضية التراث بالهوية، فجعل البحث فيه ودراسته بمثابة البحث عن الهوية، أي أن الأمة التي تتخلى عن تراثها هي أمة بلا هوية، ولن يتأتى لنا اكتشاف هويتنا، إلا من خلال الغوص في الحاضر، ومعرفة أنفسنا، والتيقن تمام اليقين أن الحاضر الذي نحن فيه ما هو إلا تراكمات للماضي .
أما جابر عصفور لم ينطلق جابر عصفور في مشواره النقدي من العدم، وإنما كانت له مرجعيات، وخلفيات كثيرة، تبلورت وشكلت خلفية مهمة عنده، وقد اختلفت وتنوعت هذه المرجعيات بين العربية والغربية، والتي كونت رؤيته النظرية، وساهمت في تشكيل جهازه الاصطلاحي وحددت مسار منهجيته ومنها الغربية والعربية وكان عصفور مولعا بانجازات الغرب من ثقافة وحضارة، وذلك منذ مشواره العلمي، فلازمته بذلك الثقافة الغربية وإنجازاتها ملازمة شديدة، وأثرت في كتاباته أيما تأثر، فبدا ذلك واضحا في جل انجازاته .
كما و حظيت الدراسات العربية باهتمام بالغ من قبل الناقد جابر عصفور وكان اطلاعه على مختلف الأبحاث الأدبية والنقدية من أحد المرجعيات التي صقلت أفكاره، فكان تأثره واضحا بها وبالأعلام العربية البارزة في ذلك الوقت، مما شكل خلفية معرفية عربية عند جابر عصفور.
يشير جابر عصفور في كثير من أعماله، و يعترف بفضل أساتذة تتلمذ على أيديهم بشكل مباشر، أو غير مباشر ابتداء من شوقي ضيف ويوسف خليف، وعبد العزيز الأهواني وسهير القلماوي ومحمد النويهي، ومرورا بمصطفى ناصف ولطفي عبد البديع، وعبد الحميد يونس، وانتهاء بصلاح عبد الصبور، وفاروق حورشيد وعز الدين إسماعيل، فلكل واحد من هؤلاء النقاد والكتاب فضل في إثراء معرفة عصفور وكانوا مرجعية له في أبحاثه ودراساته .
ويؤكد أن: جل أبحاثه إنما اقتربت من الغاية المنشودة للفهم، فذلك بفضل أساتذة وزملاء وأصدقاء تحاور معهم عبر سنوات طوال، وجاءت كلها ضمن حلقات دراسية أقامتها في أغلب الأحيان الجمعية الأدبية المصرية، كما أن النقد البناء الذي كان يوجه إلى مشاريعه من طرف أعضاء الجمعية الأدبية المصرية أثر في تحويل مشاريعه الساذجة _ على حد قوله _ إلى بدايات لبحوث كبيرة، فالنقد الذي كان يوجه إلى جابر عصفور، كان نقدا بناء ساعده في إعادة بناء نفسه وأفكاره، كلما وقع في أزمة معرفية، أو كلما حصلت عنده نقائص.
برز الموقف النقدي عند جابر عصفور من التراث في ظل ما تعانيه الأمة العربية من انسلاخ عن هويتها وحيرتها بين الرجوع لماضيها، أو السير نحو الثقافة الغربية فالتراث إذا هو تراكم خبرات سابقة لجيل سابق، ومن ثم وصول هذه التراكمات للجيل اللاحق، وقد خص جابر عصفور التراث بالجانب العلمي والثقافي، وسواء تعلق الأمر بقيمة موجبة أو سالبة .
أي إنه شمل جميع الخبرات، ولا يهمنا هنا إن كانت هذه الخبرات مفيدة لنا أم لا، فكل ثقافات سبقت جيلنا يمكن أن نطلق عليها اسم التراث.
وقدم جابر عصفور العديد من القراءات عن التراث العربي النقدي، فيرى بأن: التراث العربي سلاح ذو حدين، قد يدفع العرب إلى النهوض والتقدم، أو إلى النكوص والتخلف والجمود، إذ إنه يحتوي على ما يؤكد كلتا المسألتين، فيمكن أن يكون التراث شرطا من شروط النهوض كما يمكن أن يكون سببا من أسباب الانتكاسة والتقوقع والجمود، فهذا أمر طبيعي لأن التراث يخص الأجيال السابقة، ولا يخصنا نحن أبناء الجيل الراهن، ومتى أسأنا استخدام هذا التراث أصبح سلاحا يدفعنا ويجرنا إلى التخلف، والعكس كذلك متى أحسنا استخدام هذا التراث كان حافزا لنا ومعينا على التقدم والرقي، والنهوض بالأمة.
ويؤكد جابر عصفور أهمية التعامل مع التراث بوعي وتحفظ فـ" يؤكد أهمية الوسطية التي ترفض القطيعة المعرفية مع التراث ، فلا ينبغي أن يكون موقفنا، وتعاملنا مع التراث قطعيا، بحيث ننسلخ كليا من تراثنا.
قدم جابر عصفور قراءة للناقد الخليفة ابن المعتز، باعتباره نموذجا للقراءة المعاصرة التي تتناول ناقدا قديما ارتبط ارتباطا وثيقا بالصراع بين القدامى والمحدثين في قضية الإبداع.
اعتمد جابر عصفور في قراءته لابن المعتز على نصوصه النقدية، وكتاباته الشعرية والتي يرى بأن جلها انطوى على الصراع بين القدامى والمحدثين في شتى المجالات في ذلك العصر.
ومن أهم ما تطرق إليه جابر عصفور من خلال أعمال ابن المعتز هو كتابه طبقات الشعراء، الذي يرى عصفور بأنه كتاب لم يألف لغرض أدبي بحت، وإنما ألف أيضا قصد الاحتفاء بالشعراء الذين مدحوا آل بيته من بني العباس، وكل تلك الأشعار الواردة في الكتاب وأولئك الشعراء، إنما اختصهم ابن المعتز في كتابه لخدمة آل بيته العباسيين، وعمالا لهم في الآن ذاته، فكان بمثابة ورقة سياسية داعمة لهم،و اعتمد جابر عصفور على آليات لقراءة النص التراثي لابن المعتز، وكانت آلية التصنيف هي الآلية الأكثر استعمالا قراءته لابن المعتز
كما و ينطلق جابر عصفور في دراسته لشعر نازك الملائكة من خلال اختياره لقصيدة عاشقة الليل، ويحاول معالجة هذا الشعر انطلاقا من ذاتية نازك الملائكة الكئيبة وحزنها النفسي فيربط بين ذاتها والقصيدة، ويبين أن كتابتها تعكس جزءا كبيرا من شخصيتها، وقام عصفور بالتركيز على الأرض والقمر والشمس، والليل والكآبة، والحزن والوحدة والعزلة، فتناول القصيدة عاشقة الليل بالتحليل والتفسير والتأويل، وعرض آراءه الخاصة فيها.
قام جابر عصفور بدراسة وقراءة القصيدة وتحليلها تحليلا بنيويا، فقام في البداية باستعراض آراءه الخاصة به ، ومن ثم آراء مختلف الكتاب، وكيف قام بقراءة كل منهم قراءة متميزة عن الأخرى، فقراءة نازك الملائكة ليست نفسها قراءة أدونيس ، وقراءة محمد الماغوط ليست نفسها قراءة صلاح عبد الصبور وهكذا...، وبذلك فقد تنوع الكلام بتنوع الأفراد أما اللغة فهي لغة واحدة عند الكل.
وقدم جزءا من التحليل السيميائي لقصيدة نازك، عاشقة الليل، حاول فيها أن يقف على بعض الجوانب الفكرية والقضايا الإنسانية والمعنوية، إذ يتضح أنه ينتقل في تحليله للقصيدة من عدة آليات متنوعة ويتضح أنه المنهج البنيوي قد حضي بالجزء الأكبر في دراسته، مستعينا بآليات الأسلوبية والسميائية والبنيوية التكوينية.
Description
Keywords
القرآن, النص التراثي والحداثي