الدفاع المشروع أو دفع الصائل
No Thumbnail Available
Date
2022
Authors
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
جامعة العربي بن مهيدي أم البواقي
Abstract
يقصد بالدفاع المشروع في الشريعة الإسلامية أو ما يعرف بدفع الصائل حماية الإنسان نفسه أو نفس غيره أو ماله أو مال غيره من كل اعتداء غير مشروع بنفس القوة التي تتناسب مع فعل الاعتداء لقوله تعالى: "ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم"، أما فقهاء القانون فاجتمعوا على أن تعريف الدفاع المشروع بأنه الفعل الذي يدفع به الشخص خطرا مُحْدِقا يهدد حقا من حقوقه التي يحميها القانون بالقوة التي تساوي ولا تتعدى قوة فعل الخطر.
لكن المشرع الجزائري لم يضع له تعريفا وإنما نظم أحكامه في نص المادتين 39 فقرة 2 والمادة 40 من قانون العقوبات، وبالنظر إلى ذلك يفهم أن المشرع الجزائري اعتبر الدفاع المشروع سببا من أسباب الإباحة.
وفي البحث عن أساس الدفاع المشروع نجد اختلافا بين الشريعة والمشرع الجزائري حول هذا الأساس:
فقهاء الشريعة يردون أساسه إلى قاعدة الضرر يزال؛ أي أن حالة الدفاع المشروع التي تؤدي إلى ارتكاب أفعال مُحرَّمة في الأصل لا يرجع إلا إلى إزالة الضرر الحاصل على المعتدى عليه.
أمّا عن موقف المشرع الجزائري فهو يكيف الدفاع المشروع بأنه رخصة من القانون للمدافع لردّ الاعتداء وليس حقّا كما تعتبره تشريعات أخرى، ويعتبره سببا من أسباب الإباحة، ويقوم ذلك على فكرة الموازنة بين المصالح المتعارضة للأفراد وإيثار مصلحة المدافع في درء الاعتداء على مصلحة من بادر بالاعتداء،
وبخصوص نطاق الدفاع المشروع ففقهاء الشريعة الاسلامية يفرقون بين الدفاع عن النفس والدفاع عن الغير، فالأول عندهم واجب والثاني مباح، ولا يفرقون بين الدفاع عن النفس وبين الدفاع عن العرض أو المال، أما المشرع الجزائري فقد أخذ منحى إباحة الدفاع المشروع ضد كل اعتداء سواء ضد النفس أو المال.
وبخصوص شروط الدفاع المشروع في الشريعة الإسلامية فهناك شروط فعل الاعتداء بأن يكون فعلا غير مشروع، وأن يهدّد بضر غير مشروع، و أن يكون الخطر حالا، و شروط فعل الدفاع أن يكون الأخير لازما لردّ الاعتداء، وأن يتناسب مع جسامته، اما المشرع الجزائري فقد أورد شروطا عامة لا تختلف كثيرا عن الشروط التي أقرتها الشريعة و هي أن يكون فعل الاعتداء عملا غير مشروع، و أن يهدّد بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال، و أن يكون الخطر حالّا، وأما شروط فعل الدفاع فهي لزومه أي لا توجد وسيلة أخرى لدفع الخطر إلاّ فعل الدفاع، و أن يتناسب مع فعل الاعتداء،
وأمّا الشروط الخاصة فقد أوردها المشرع الجزائري في المادة 40 من قانون العقوبات والتي تدخل ضمن حالات الضرورة الحالّة للدّفاع المشروع.
يقع إثبات الدفاع المشروع في الشريعة الإسلامية على عاتق المصول عليه أي المدافع، ويكون ذلك بإثبات أن أفعاله كانت لازمة لدرء الخطر، وقد اتفق فقهاء الشريعة على أن إثباته يكون بثلاث وسائل هي: الإقرار سواء من المعتدي نفسه أو أهله وذويه (ولي الدم)، والبينة (الشهود)، وأخيرا باليمين.
أما في القانون الجزائري فالأصل أن الإثبات يقع على النيابة العامة انطلاقا من مبدأ قرينة البراءة، غير أن المشرّع جعل عبء إثبات في الدفاع المشروع على المتهم (المدافع)، وذلك حسب الحالة: فإذا انطبقت على نص المادة 39 فقرة 2 من قانون العقوبات فعليه إثبات توافر شروط الدفاع، أما إذا انطبقت حالته على المادة 40 من قانون العقوبات فيثبت أن أفعاله تدخل ضمن الحالات الخاصة المنصوص عليها بذات المادة.
وفيما يخص تجاوز حدود الدفاع المشروع، ففي الشريعة الإسلامية يتحقّق إذا زادت أفعال الدفاع عن القدر المطلوب والمناسب لدرء الخطر، ويراعى في ذلك الاعتبارات التي أحاطت بالمدافع والأخذ بمعيار ما يغلب على ظن المصول عليه أو المدافع وقت الاعتداء.
أمّا المشرّع الجزائري فلم ينظم تجاوز حدود الدفاع بنص خاص بل عالج القواعد العامة، ونظمه ضمن الأعذار القانونية التي خصّص لها نص المادة 52 من قانون العقوبات، وتطبيقا لهذا النّص جاء المشرّع بنصوص المواد 277 عقوبات التي تنظم حالات تجاوز حدود الدفاع المشروع المنصوص عليها بالمادة 39 فقرة 2 من ذات القانون، والمادة 278 التي تشكل عذرا لمن تجاوز حدود الدفاع المشروع الممتاز المنصوص عليها بالمادة 40 من قانون العقوبات ويتعلق التجاوز بانعدام شرط الليل.
Description
Keywords
الشريعة الإسلامية, الدفاع الشرعي, دفع الصائل