الحذف و دلالاته في القرآن الكريم سورتا"طه" و "النمل" أنموذجا
No Thumbnail Available
Date
2013
Authors
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
جامعة أم البواقي
Abstract
وقبل الشروع في هذه الدراسة لابد من الحديث عن الهدف من الكلام منذ بدء الخليقة، ذلك أن الأصل هو الإبلاغ والتوصيل اللذان يقتضيان الذكر والتفصيل إذ ما يراد الإعلام به من عناصر الجملة لا بد من ذكره ولا يحذف منه شيء؛ لأن ذكره دليل إرادة الإعلام به و الإخبار عنه وهذا ما يعرف بالبنية السطحية عند تشو مسكي، أما حذفه فهو دليل على عدم إرادة الإعلام به أو الإخبار عنه والوصول إلى المحذوف يعني الوصول إلى البنية العميقة . هذا هو الأصل في الكلام إلا أن هذا الحكم - وعلى الرغم من وجاهته وموافقته لطبيعة الهدف الذي من أجله أوجد الله اللغات - ما هو إلا الصورة المباشرة والبسيطة للكلام، فقد ُيشَذُ عن هذه القاعدة ببعض الأساليب، والتراكيب كأسلوب الإيجاز الذي تتميز به اللغة العربية كما قيل: "من سنن العربية الإيجاز " وعلى هذا فالإيجاز علـى اختـلاف أنواعه .
و ضروبه عنصر أصيل في لغة العرب بل إنه تعبير رفيع يخاَطَبُ به أهل العقول، وأصحاب الحِجَا . و الحذف ضرب من الإيجاز، يقصد به حذف أو إسقاط جزء من الكلام لدليل، وإذا كانت هذه مكانة الإيجاز والحذف في اللسان العربي بشكل عام، فإنها في القرآن الكريم أوضح وأشد تأثيرا، وأتم بهاء وأكثر رونقا؛ لأسلوب القرآن المُعجِز في عرض قصص الأنبياء والأمم السالفة، حيث أنه لا يذكر تفاصيل القصة كلها ولكنه يترك مساحة لما يتبعه من تقديرات . فالحذف في القرآن الكريم يعد من القضايا الهامة التي عالجتها البحوث النحوية والبلاغية والأسلوبية، بوصفها انحرافا عن المستوى التعبيري العادي، واعتبارها ضربا آخر من ضروب التناسق والترابط غير المعلَن بين أجزاء النص الواحد، فتعيين وتقدير العنصر المحذوف في الآية يزيد المعنى وضوحا ودلالة. كما يؤكد أغلب النحاة والبلاغيين، أن بلاغة الكلام ودلالته على المعاني إنما تكمن في الحذف وهذا ما أردت أن أبينه في هذا البحث لأجل ذلك سيكون عنوانه :
* الحذف ودلالاته في القرآن الكريم سورتا : "طه" و "النمل " أنموذجا .
ولعل من أبرز الدواعي التي دفعتني إلى اختيار الموضوع هو شيوع هذه الظاهرة في الكلام سواء الفصيح منه أو العامي وجنوح المتكلم إليه - الحذف- حتى يحقق أغراضه ومبادرة الملتقي إلى فهم دلالاته ومقاصده.
واخترت كذلك أن يكون ميدان دراستي القرآن الكريم لاحتوائه على القصص القرآني الذي يتسم بالاقتصاد اللغوي - الإيجاز- والاهتمام الشخصي في أن يكون كتاب الله ميدان بحثي منذ الدراسات الأولى .
وبالتالي شرعت في انجاز هذا البحث مستعينة بالله ومتوكلة عليه ومستنيرة بآراء بعض اللغويين والنحويين والبلاغيين في هذا الجانب من الدراسة اللغوية وباعتماد كتب بعض المفسرين والمعربين .
وقد جاء هذا البحث محاولا الإجابة على عدد من التساؤلات المنتشرة عبر ثنايا فصوله منها :
- ما مفهوم الحذف ؟ وما مدى أصالته ؟ ما الفرق بين الحذف والإضمار؟
- ما هي الدلالات المحققة مــن وراء الحــذف فـي القـــرآن ؟
أمّا عن المنهج المعتمد في الدراسة، فقد زاوجت بين المنهجين الوصفي والتاريخي، الوصفي ورد في مواقف التحليل والإحصاء... لمواضع الحذف في سورتي : طه و النمل وتقدير علماء التفسير واللغة لها ، ووصولا إلى تحديد الغرض أو الدلالة من الحذف أما التاريخي فقد وظفته حين كنت بصدد متابعة آراء علماء اللغة و البلاغة- الحذف-.
و للوصل إلى مبتغاي رسمت هذه الخطة :
فصـــل تمهيدي: معنون بـ : الحذف قراءة في المفهوم و التأصيل له، تناولت فيه تعريف الحذف من الناحية اللغوية و الاصطلاحية، و التأصيل للمسألة من خلال الاستئناس بآراء بعض المتقدمين من النقاد و البلاغيين و علماء اللغة، ثم بينت الفرق بين مصطلحي الحذف والإضمار
وفصـل أول : و الذي عنونته هو الآخر بـ : أنواع الحذف ومتعلقاته ودلالاته فقد تناولت فيه: أنواع الحذف، أغراضه - دلالاته- ،شروطه وأدلته.
أما الفصل الثاني: احتوى على الجانب التطبيقي الإجرائي من البحث، أحصيت فيه عدد أصناف المحذوفات في السورتين واضعة ذلك في مخطط، ثم قمت بتحليل أكبر عدد منها باعتماد بعض كتب المفسرين و المعربين للقرآن الكريم .
أما خاتمة الرسالة فهي ملخص شامل لقضاياه الأساسية و بيان أبرز النتائج التي توصلت إليها ولانجاز هذه المذكرة اعتمدت قائمة من المصادر والمراجع القديمة منها والحديثة أهمها: دلائل الإعجاز للجرجاني، الكشاف للزمخشري .
و الحذف البلاغي في القرآن لمصطفى عبد السلام وكان هدفي من وراء هذا هو أن أقدم للطالب المتخصص في اللغة العربية شيئا من التيسير و التوضيح لأسلوب المفسرين و المعربين فيما يخص هذا الجانب من الدراسات اللغوية و بالتحديد في الصورتين مع شرح بعض الألفاظ الغامضة و تفصيل بعض القضايا المتصلة بالإعراب
* توصلت إلى نهاية هذا البحث خاصة وأن الدراسة هي دراسة لسورتين من القرآن الكريم المعجز في ألفاظه ومعانيه و أسلوبه وفي بيان نظمه والحذف فيه أكثر من أن يحصى في مثل هذه الدراسة فقد أفردت له دراسات خاصة به ، تناولته بالتفصيل ومن جوانب مختلفة ولكنني اعتمدت هاتين السورتين كنموذج يحتذي به الطلبة في التخصص.
وقد خلص البحث إلى نتائج نابعة من محتواه فعلى المستوى النظري:
- تبين أن دلالة مصطلح الحذف من الناحية اللغوية تتضمن معاني الإسقاط والقطع والتسوية والتي تتآزر مع دلالاته الاصطلاحية، مما يؤكد أصالته في الكلام العربي.
- أن معظم النحاة و اللغويين يتفقون على أن الأصل في الكلام هو الذكر ولا يكون حذف شيء منه إلا بدليل.
- لقد اتضح من خلال الدراسة أيضا أن هناك تداخلا بين مصطلحي الحذف و الإضمار و لكن الواضح في أنهما يستعملان بمعنى واحد و لا توجد تفرقة دقيقة تراعى في استعمالهما.
- وأن الحذف لا يكون عشوائيا و إنما يتقيد بشروط و أدلة؛ فهو ظاهرة لغوية و ضرب من ضروب الإيجاز حيث لا يمكن إلغاءه، لأن القرآن يعتمد في فهم بعض آياته على تقدير المحذوفات.
* وعلى المستوى التطبيقي :
- كشفت الدراسة أن الحذف في القرآن متنوع الأصناف و الدلالات .
- وأن تقدير المحذوف يخضع لاجتهاد المتلقي- المفسر والمعرب - و وفق طبيعة الموقف المدروس . ووفق القوانين اللغوية العربية التي استنبطها اللغويون والنحاة من خلال القرآن والحديث والمدوّنة الشعرية العربية خصوصا والكلام العربي عموما.
- و تبين الدراسة أيضا أن التراكيب أو المواضع التي ورد فيها الحذف كانت أبلغ تأثيرا و أعمق دلالة من التراكيب الأخرى التي لم يرد فيها الحذف .
- الحذف أداة تواصل حقيقة بين أسلوب كتاب الله تعالى و متلقيه -المفسرون فبتقدير المحذوف تصير معاني الآيات أكثر وضوح.
- يتجلى الحذف في كثير من فنون الأدب العربي، غير أنه في القصص القرآني ،أكثر تأثيرا و تحفيزا لفضول متلقيه .
- وكذا استنتجت أن المفسرين و المعربين قد يختلفون في تقدير المحذوف - في موضع وجدت الفاعل المحذوف قد يكون: موسى ،الملائكة أو المصدر - ولكن لا يختلفون في موضع الحذف.
- وأن أصناف المحذوفات الأكثر ورودا في السورتين هي حذف الحرف وحذف الكلمة .
Description
Keywords
الحذف, من صور الحذف في السورتين, الإضمار