التناص التراثي في ديوان أوراق الريح لأدونيس
No Thumbnail Available
Date
2012
Authors
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
جامعة أم البواقي
Abstract
في خضم التطور الحاصل على نظرية النص، إذ أصبح في أيامنا هذه مساحة للتجريب، وفتحا متواصلا لعوالم ما تزال بحاجة للكشف عبر لغة متجاوزة للمألوف تقول ما لم تتعود قوله، فلم تجد اللغة حينها مناصا من الاتكاء على الموروث عبر أشكاله المختلفة، ومن هنا وجد المبدع نفسه أمام عملية استرجاع واسعة لأشكال التراث المنتمي إليه، وهكذا تولدت فكرة البحث عن أطياف هذا الاستحضار عند المبدع والشاعر تحديدا، كون التناص آلية من الآليات التي تبحث بين طيات النص لكشف حقيقتها، لأنه في حقيقة الأمر هو تمازج بين نصوص عديدة، كما يعتبر أيضا نسيج من عدة نصوص مقتطعة من نصوص أخري مع العلم أن ذلك لا يتأتى إلا بسعة إطلاع الكاتب لأنه يسعى دائما إلى الاستفادة من تجارب الآخرين قصد رسم طريق جديد يسير على دربه، لإنتاج إبداعات جديدة وذلك ما جعل التناص اتجاها جذابا للدراسة والبحث لفهم نصوص الكتاب والغوص في أغوار شخصيتهم، ومن بينهم نجد أدونيس يقف في وسط هذه الساحة الأدبية المعاصرة مستقطبا الاهتمام العربي، بذوقه وخبرته الفنية، وقدرته على المزج بين ما هو تراثي وحداثي جديد، وكذا براعته من خلال مزجه بين بساطة اللغة وعمق الدلالة المعنوية، لامتياز أدو ني س بدراية واسعة وعميقة لجمل التراث الشعري العربي القيم وواع للدور الذي يجب أن يلعبه الشعر في زماننا مواكبا لحركة الشعر العالمي.
ومن خلال قراءتنا لبعض نصوصه من الشعر والنثر، التي كانت محل اهتمام وانشغال الكثير من النقاد، إذ حاولنا حينها معالجة بعض الإشكاليات من أهمها: كيف كان انشغال الشاعر على هذا
الموروث؟ وإلى أي مدي يمكن لآلية التناص الكشف عن صور النصوص المستحضرة في شعر أدونيس؟ وكيف تجلى التناص التراثي في شعر أدونيس؟
ولقد كانت هذه الإشكاليات ما زادت شغفنا لاختيار هذا الموضوع عنوانا لمذكرتنا "التناص" التراثي في ديوان أوراق في الريح لأدونيس"، محاولين في ذلك أن يكون بحثا مستيقظا مستفيدين قدر الإمكان من الدراسات السابقة، التي اهتمت بشعر أدونيس حيث تعرض لها العديد من النقاد العرب من أمثال " ريتا عوض في أسطورة الموت والانبعاث في الشعر الحديث، محمد مرزوق في مشروع أدونيس الفكري والإبداعي.."وذلك رغبة في تحقيق الدوافع التالية:
- رغبة التفرغ في دراسة الحداثة الشعرية التي امتاز بها شعر أدونيس، من ناحية رجوعها إلى التراث وتوظيفه، ومن ناحية هذا التمازج الذي يحصل بين محاولة الكشف عن بعض الخفايا الدقيقة، التي لا يمكن الوصول إليها إلا بالبحث المكثف،
خاصة عند شاعر مثل أدونيس الذي أعتبر شعره في معظم الأحيان أصعب من شعر العقاد، ومعرفة ولو القليل ما يخفي خلف شعره وذلك لإعجابنا بثراء لغته وذوقه الفني.
وأملا في أن يكون بحثنا على قدر من المنهجية والتسلسل، اعتمدنا في ذلك على خطة مستهلة يمقدمة ومدخل متناولين فيه ضبط المصطلحات، من مفهوم للتناص وأنواعه وآلياته ووظائفه ومصادره، وكذا مفهوم التراث وأثره في تكوين شاعرية الشعراء لأن عبقرية الشاعر تحديدا تتحدد من خلال توظيفه للتراث ليتأتى بعده الفصل الأول الموسوم ب**التناص في الدراسات النقدية العربية والغربية، حيث تم تقسيمه إلى ثلاثة عناصر فتضمن العنصر الأول التناص في النقد الغربي، لإرتباط إطلاق هذا المصطلح بالغرب إذ كانوا سباقين في إطلاقه على العرب، وذلك على يد الناقدة البلغارية " جوليا كريستيفا" وهو مفهوم استوحته من عند الناقد الروسي " ميخائيل باختين" في دراسته لشعرية " ديستونمكي" تحت مسميات الحوارية، إذ أصبح فيما بعد محل اهتمام العديد من الثقال الغرب
"كجيرار جنيت، ميشال أريفي، ريفاتير، رولان بارت".
كما كان لهذه الخاصية النصية أثر بالغ في الدراسات النقدية العربية قديمها وحديثها وذلك ما تضمنه العنصر الثاني والثالث، ، إذ حاولنا إيظاء نضرة على اهتمام النقاد العرب بها قديما، لتناول النقاد القدماء لها كظاهرة بلاغية تحت أسماء عديدة كالاقتباس والتضمين، كما اهتم بها أيضا الدارسون المعاصرون، وذلك من البديهي أن يكون لظهور هذا المصطلح بالغرب أثره البالغ في الفكر العربي المعاصر، إذ تناوله العديد من النقاد والمفكرين العرب المعاصرين مصطلحا ومفهوما فتعددت حينها المصطلحات التي ترجمت مصطلح التناص فاهتموا حينها بدخوله في درسنا العربي نذكر منهم على سبيل المثل كل من"محمد بنيس، محمد مفتاح، سعيد يقطين.."
ليأتي بعد ذلك الفصل الثاني المخصص للفصل التطبيقي متناولين فيه التناص التراثي في" ديوان
أوراق في الريح لأدونيس" محاولين في ذلك استخراج بعض النصوص التي تضمنتها نصوص هذا
الديوان، وذلك ما أثرى نصوص أدبية إبداعية جديدة كنصوص أدونيس لانصرافه إلى الأداء الرمزي محاولا في ذلك اللجوء إلى:
الأسطورة للتعبير عن موقفه الشخصي لتحقيق نهضة عربية، تحمل العربي من غرق الماضي،
إلى حاضر ومستقبل أكثر إشراقا إذ وجد أنه لابد من وجود طريقة لانبعاث الأمة العربية، فجسدت الأسطورة حينها الأمل في تحدي الماضي ورسم المستقبل، وانبعاث الأمة من جديد فاستعان حينها بأساطير عديدة منها "أسطورة الموت والانبعاث، أسطورة عشتار، بروميثيوس، أسطورة تموز..." فكانت هذه الأساطير بالنسبة إليه بمثابة تجارب روحية ومعاناة فكرية، شرح فيها ما اعترضه من حالات مختلفة
توظيف الرمز الديني من خلال لجوءه إلى ألفاظ القرآن الكريم، وقصصه وكذا الحديث عن كتبه المقدسة والحديث النبوي الشريف، وما ذلك إلا دليل على سعة إطلاع خلفيته المعرفية.
كما اتخذ الرمز الصوفي وسيلة للتعبير فاستعان بمصادر التصوف الإسلامي لإيجاده فيها ثروة كبيرة فوظفها فى شعره إضافة إلى أنها قابلة للتأويل بأكثر من وجه.
كما نلفي الرمز التاريخي الموظف بكثرة في شعره من خلال استعانته بأماكن وشخصيات وأحداث تاريخية فجاءت في سياقات مختلفة، فحملت دلالات رمزية متعددة.
وكانت هذه معظم الرموز التي احتوتها نصوص هذا الديوان فحاولنا إيظاء نظرة طيها، لتمحي بعد ذلك خاتمة متضمنة لأهم النتائج المتوصل إليها، من خلال التفاعل الذي حصل بين نصوص أدونيس والنصوص المستحضرة في شعره، وما ذلك إلا دليل على سعة إطلاع شاعرنا على الموروث الثقافي الذي اغترفا منه أساليب متنوعة، فتعامل معها وانحرفا بها إلى دلالات جديدة، فلم يكن مجرد صانع بل كان شاعرا متنوعا في تجربته الشعرية المعتمدة على ذلك الإرث.
وأملا في أن يكون بحثنا على قدر من المنهجية والتسلسل، حيث اعتمدنا في ذلك على المنهج التكاملي، الذي أعطانا فرصة لاستخدام مجموعة متنوعة من المناهج كل حسب المقتضى، فاعتمدنا على المنهج التاريخي من ناحية محاولة إلقاء نضرة على تطور مصطلح التناص عند الغرب والعرب، وكذا المنهج التحليلي الوصفي من خلال تحليلنا لبعض القصائد ووصفا النصوص المتناصة معها.
Description
Keywords
ديوان أوراق في الريح, التناص التراثي