تجليات التناص الصوفي في غنائية آخر التيه للشاعر ياسين بن عبيد
No Thumbnail Available
Date
2012
Authors
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
جامعة أم البواقي
Abstract
يبدأ النص الشعري بوصفه شبكة تتوالد فيها الدلالات المرتبطة بالزمان والمكان والرصيد
المعرفي، ليحمل ميزة الاستمرارية والتفاعل مع النصوص الأخرى، فلا مناص لأي شاعر من أن
يستعين بها التصوف رافدا مهما من روافد الشاعر المعاصر، فهو علم من العلوم الإسلامية، له
مكانته المرموقة في المجتمع الإسلامي، وهو تجربة ذوقية يعبر عنها كل صوفي بوسيلته و
طريقته حيث جاء التناص الصوفي في هذه المذكرة أين تنفتح النصوص الشعرية على تجربة
صوفية وعلى ذاكرة شعرية تشتمل متن الخطاب الشعري القديم و الحديث وحتى على أنواع
الخطاب اللاشعري،فمن خلال دارستنا لمصطلح التناص نجد أن جميع الاتجاهات النقدية بداية من
حوارية باختين إلى التناص إلى جامع النص، قد ساهمت في بلورة فهم التداخل النصي في
النصوص الأدبية المختلفة، باعتبار أن ذلك تجلي من تجليات توليد النصوص الجديدة وإنتاج
المعاني المبتكرة وما ينبثق عن ذلك من تعددية للقراءات، وسيادة التأويل وبدل الفهم، أما عن النقاد
العرب، فنجد أنهم قد نظروا للمصطلح دون تطبيقه وأن مصطلح التناص ظل المصطلح الأكثر
شيوعا واستعمالا عند العرب، رغم صراع المصطلحات وكأن المحاولات الأخرى التي جاءت
كانت مجرد شرح لنفس المفهوم حتى وإن اختلفت التسميات إلا أن التناص هو ممارسة لغوية
دلالية لا مفر منها لأي شاعر، فالنص الشعري هو عملية استيعاب وتفاعل لكثير من النصوص
السابقة، يتناص الشعراء معها بطرق مختلفة، ومستويات متفاوتة.
وكما تعددت تعريفات التناص كذلك تعددت تعريفات التصوف لأنها كلمة كلمة غامضة، لم يحدد
معناها اللغوي والاصطلاحي، مما جعل لها تعدد في التسميات والتعريفات من قبل الكثير من
العلماء المتصوفة، ورغم هذه الاختلافات في التعريفات، إلا أنها تشترك في الكثير من
الأمور،فالتصوف إذا هو طريقة خاصة أو فلسفة خاصة في الحياة تمتزج فيها العاطفة
بالفكروالعقل بالقلب، وقد يكون هذا التصوف وليدا للدين، انطلاقا من مصادره وأسسه ومنهجه.
فالتصوف إذا هو إيمان وتوحيد وإخلاص وطاعة، وهو ظاهر وباطن، شريعة و حقيقة، وابتلائه
. .. إسلام واستسلام، إسلام بالموافقة واستسلام لقضاء
لقد قام مفهوم التناص على محاولة دراسة النص الأدبي في ضوء علاقته بنصوص سابقة، باعتبار
تلك العلاقة إنما هي ضرب من تقاطع أو تعديل متبادل بين وحدات عائدة إلى نصوص مختلفة
لتأخذ مكانها في بنية نصية جديدة، فعند قراءتنا للشعر العربي نجد انفتاحا واستحضار لنصوص
شعرية مع اقتباسات من القرآن الكريم و الحديث الشريف، وتضمينات من التاريخ والتراث، فابن
عبيد اغترف في شعره الكثير من الروافد الّتي أضفت على تجربته جمالا، و زادتها ثراءً و تنوعا،
فرغم توجهه الصوفي إلا أنه نوّع في شعره من خلال اقتباسه من القرآن الكريم، وتناصّ ه مع
الأماكن التاريخية والأمثال العربية، وكذلك مع شعراء عرب مما جعل شعره حافلا بالنصوص
الغائبة التي تجذب القارئ إليها.
أما تجليات التناص الصوفي عند ابن عبيد وظفت عبر عناصر فنية مشهورة كالخمر، والمرأة،
والعيون، والطير... و قد اعتمدها الشاعر لتقريب أفكاره من المألوف المتعارف عليه، وللإيحاء
بعواطفه، ولتصوير بعض ما عاناه، واستعمل كذلك ألفاظا وتراكيب استعمالا مغايرا لاستعمالات
غيره من المبدعين، والوظيفة الّتي تؤديها هي وظيفة فكرية نفسية تأثيرية ذات أبعاد محددة تنم عن
أفكار صاحبھا ومشاعر.
كما نجد كذلك ابن عبيد قد استغلّ كلّ طاقات اللّغة، و حشدھا لتقدم خطابا شعريا راقيا، و مؤثّرا، و
مشركا للمتلقّي، وأما آليات ومستويات توظيف بن عبيد للنصوص الغائبة في مدونته الشعرية
غنائية آخرالتيه، أنواع النصوص الغائبة التي وظفها الشاعر بن عبيد في غنائية آخر التيه، وطرق
توظيفها فقد تكون هذه النصوص :دينية، أدبية، تاريخية، أمثال عربية.
وأن جمالية لغة التصوف تنبع من أبعادها الرمزية للألفاظ والتراكيب والصور الشعرية، التي
استعملها الشاعر بطريقة مغايرة للمألوف،وكذلك اعتماد بن عبيد في ديوانه غنائية آخر التيه على
لغة تجريدية إشارية، حيث استعملت فيهاعناصر فنية مشهورة كالخمرة، المرأة، الضوء. .، وقد
وظفها الشاعر لتقريب أفكاره من المألوف المتعارف عليه، وللإيحاء بعواطفه و أما الأساليب
والتراكيب والألفاظ التي استعملها بن عبيد في مدونته، ساهمت إسهاما مباشرا في التعبير عن أبعاد
الشاعر الشعورية من خلال رؤية معينة، حيث اكتست جمالية جذابة ممتعة أضفت جمالا على
تجربته.
وأي اًّ كان الحديث عن جماليات التناص الصوفي في شعر بن عبيد، فإنه لا يحاط به لأن كل عنصر
جمالي فيه، وفي بنيته الفنية يحتاج إلى دراسات مستفيضة.
Description
Keywords
التناص الصوفي